أعلنت التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم تعليقها المؤقت لكافة أشكالها الاحتجاجية التي سطرتها في وقت سابق، ضمنها ما كان معلنا عنه في البيان الأخير ليوم الاثنين الماضي. وحتى نفهم سر هذا التعليق ، سنحاول في هذه المقالة ابدء ملاحظات حول مسار هذا الاحتجاج على الشكل التالي :
أولا ، احتجاجات الأساتدة جاءت ايام فقط من محاولة تمرير حكومة عزيز اخنوش لما يسمى بالقانون التنظيمي الجديد لتدبير قطاع التعليم والرياضة ، كان بتوافق مع النقابات في سرية تامة لم تكن هيئة التدريس تعلم ما يحاك ضدها الا بعد تسريبه من طرف أطياف نقابية ، خاصة وأن أغلبية العمال والمدرسين في المغرب التزموا الصمت حيال انعقاد مؤتمر البنك الدولي بمراكش ، موازاة مع تداعيات وقوع الزلزال المدمر في المغرب بتاريخ 8 سبتمبر2023، بحيث عمل خبراء هذا البنك وصندوق النقد الدولي باستغلال هذه الظرفية والتنسيق مع السلطات المغربية وفريق من الخبراء على وضع تقييم شامل لقدرة المغرب على استضافة الاجتماعات السنوية لعام 2023 ، وفي مؤتمرها الصحفي الافتتاحي للاجتماعات بمراكش القت رئيس البنك الدولي أجاي بانغا كلمة أمام وسائل الإعلام تضمنت موضوع “أولويات الإصلاح من أجل معالجة الديون”، لمناقشة كيف يمكن للبلدان وشركائها في التنمية رسم مسارٍ لاقتصادات قادرة على الصمود ..
ثانيا : استمرار احتجاجات الأساتدة طيلة شهرين واكثر قابلته الحكومة بحوار مع النقابات ، ورفضت الجلوس مع ممثلي التنسيقيات التي تشكل الأغلبية الساحقة من هيئة التدريس . رفض الاعتراف بهذه التنظيمات زاد من حد الاحتقان، تلاه تصريحات مستفزة لهيئة التدريس ، تارة من ممثلي النقابات وتارة أخرى من مسوؤلي الوزارة ، فوزير العدل عبد اللطيف وهبي بخرجاته الغير المحسوبة ، يقول ان لا أحد غير قادر عن لي دراع الدولة ،بينما ذهب وزير التعليم والرياضة إلى أن الاحتجاج تحركه ايادي خارجية في حين أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بيتاس على أن الدولة لها استراتيجيتها للتعامل مع إضرابات هيئة التدريس ، في الوقت ذاته تم تسخير وسائل الإعلام لإقناع الأساتدة بالرجوع للاقسام ، كما تم تحريض أولياء الثلاميذ باستعمال “الدباب الالكتروني” و تحميل مسوؤلية الهدر المدرسي لهيىة التدريس ، ورغم ذلك، استمرت هذه التنسيقيات على الصمود و الوحدة ،الا أن بعد المسيرة الثالثة بالعاصمة الرباط حصل ارتباك ، أدى إلى انسحاب بعض المنسقين وهو ما خلق مشكل التردد في اتخاد القرار المعتاد ، خاصة بتوالي تهديدات وزير التعليم والرياضة بتوظيف السلطة ، واعوان قضائيين لاتباث حالات ما يكتب وما يفوه على منصات التواصل الاجتماعي ، وهو ما أدى إلى توقيف مجموعة كبيرة من الاساتدة عن العمل بدون مبرر قانوني، بعدما نجح في تمرير الاقتطاعات الجزافية التي لم تكن تستند هي الأخرى إلى احترام القانون ، بل كان تبرير هذا الاقتطاع من طرف الوزارة تحت طائلة الأجر مقابل العمل ،بينما يعود سبب توقيف الأساتدة بالنسبة لوزير التعليم الى الأساتذة على الاحتجاج ، ضارب بذلك عرض الحائط الدستور المغربي الذي يسمح بحق الاضراب ..
ثالثا : قرار تعليق الاحتجاج يأتي بحسب بلاغ للتنسيقية، “في إطار تفاعلها الإيجابي والمسؤول وإبداء حسن النية مع المبادرات النقابية والسياسية والحقوقية والدعوات التي تلقتها في شأن التزامها بالانخراط في إنهاء الأزمة لإعادة الثقة في المؤسسات”. وهو مايعني أن هذه التنسيقيات تعرضت للضغط من طرف أطياف دات مشارب مختلفة، خاصة بعد لقاء بعض منسيقها مع الأمينة العام لحزب اليسار الموحد منيب في مجلس البرلمان لمناقشة أزمة التعليم بالمغرب ، كما دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى اجتماع في نفس الموضوع كما هو حال مبادرة تنظيم نقابة المفتشين ..وهو ما يبرر ان تسيس هذا التعليق لا يمكن فصله عن تاريخ 11 يناير الذي يشرعن العمل الحزبي والنقابي الأحادي منذ الاستقلال ..بدعوى مراعاة مصلحة جميع مكونات المدرسة العمومية، ينتصر فيها الجميع لمصلحة الوطن”. حسب بلاغ التنسيقية.
ختاما ، يبقى احتجاجات هيئة التدريس ضرورية لخلق دينامية مجتمع متهالك بسبب آفة كورونا وانعدام الخطاب السياسي ، واستمرار ظاهرة الجفاف ، و انتشار الفساد وغلاء المعيشة ..غير أن توظيفه السياسي جعل الأمر خارج السياق الذي من أجله خرج المتضريين من الاساتدة ، إلا أن إجراءات التوقيف ان استمرت ستكون النقطة التي قد تعيد وزارة شكيب بن موسى إلى الواجهة خاصة وأن هناك أطياف تسعى إلى الركوب على هذا الاحتجاج بهدف التعديل الحكومي .
* طانطاني 24| ذ. عمر افضن
