قال التلفزيون الجزائري إن قاضيا عسكريا أصدر أوامره اليوم الأحد بإيداع سعدي بوتفليقة، الشقيق الأصغر للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة والرئيسين السابقين لجهاز المخابرات في الحبس المؤقت.
وأضاف أن سعيد بوتفليقة والجنرال بشير طرطاق المعروف باسم عثمان والفريق محمد مدين ( المعروف باسم الجنرال توفيق) جرى اعتقالهم أمس السبت.
وكانت صحيفة “المجاهد” الحكومية في الجزائر نبأ اعتقال السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق وكذا الفريق المتقاعد محمد مدين واللواء عثمان طرطاق مديري جهاز الاستخبارات السابقين، والذي نشرته بعض وسائل الإعلام الخاصة، نقلا عن مصادر مطلعة.
وقالت الصحيفة في الافتتاحية اليوم الأحد: “الأمور تتسارع مع إلقاء القبض أمس على ثلاث شخصيات مهمة في النظام القديم، وهم السعيد بوتفليقة، شقيق ومستشار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وأيضا الفريق المتقاعد محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق، وعثمان طرطاق المدعو بشير، وهما القائدين السابقين لجهاز الاستخبارات …”
وأوضحت “المجاهد” أن هؤلاء الثلاثة الذين وصفهم المتظاهرون بـ “رؤساء العصابة”، سيمثلون أمام المحكمة العسكرية في البليدة الناحية العسكرية الأولى بعد فترة قصيرة”.
وأشارت إلى أنه «إذا لم نكن نعرف بالضبط التهم الموجهة لهم، فنعلم أن نشاطهم، وخاصة منذ اندلاع الحراك الشعبي تم إدانته في الرسائل العديدة لرئيس الأركان وأن هؤلاء الثلاثة كانوا يخططون ضد الحراك والجيش “.
واعتبرت أن “هذه الاعتقالات هي رد من الفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش على الطلب المتزايد من قبل المتظاهرين بتوقيفهم، وأنها تعبر عن التزام المؤسسة العسكرية اتجاه الشعب، ولإعطاء دفعة ونقطة دعم قوية لعملية “الأيدي النظيفة” التي يقوم بها القضاء، ضد تبديد الأموال العمومية من قبل مجموعة من رجال الأعمال على صلة وثيقة بالنظام السابق”.
ويأتي السقوط المدوي لثلاثة ممن كانوا يوصفون أو يصفهم البعض بأنهم «ارباب» البلاد ليمثل نقطة فارقة في المسار السياسي للبلاد، لأنه لأول مرة يتم الاقتراب من مسؤولين على هذا المستوى، فالفريق محمد مدين المعروف باسم توفيق كان لقرابة ربع قرن القائد القوي لجهاز الاستخبارات، الذي كان يوصف بأنه الحاكم الفعلي، صانع الرؤساء، والرجل الذي كان كبار المسؤولين في الدولة يخشون حتى ذكر اسمه، ولو للثناء عليه، وكانت الصحافة لا تستطيع الكتابة عنه، إلا في حالات استثنائية، والذي غادر منصبه سنة 2015، بعد أن دخل في صراع مع محيط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بسبب ما أشيع عن معارضته لترشح الرئيس بوتفليقة إلى ولاية رابعة، وتعرض لعملية تكسير عظم دامت قرابة عامين قبل أن يصدر قرار بإقالته، وسقطت الأسطورة، وفجأة أصبح الإعلام يتحدث عنه، وصوره وفيديوهاته تنشر، وغاب عن الأنظار، واعتقد كثيرون أنه انتهى، لكنه عاد فجـأة إلى الواجهة مع اندلاع الحراك الشعبي الرافض للولاية الخامسة، ففيما كان البعض يهمس أنه يقف وراء الحراك، وأنه من جهة يريد الانتقام من آل بوتفليقة ومن جهة أخرى يريد تخليص البلاد منهم، اكتشف الجميع مذهولين أنه تدخل في آخر لحظة من أجل إنقاذ بوتفليقة وعائلته ومحيطه، مع أن هؤلاء أزالوه من المشهد وأهانوه بطريقة بشعة، بعد أن سلطوا عليه من دخلوا السياسة من بابها الخلفي، ومن نهبوا المال العام، ومن كان هو حاميهم لسنوات طويلة، ووصل الأمر إلى ذروة التصادم بين توفيق وشقيق الرئيس بوتفليقة من جهة وقيادة الأركان من جهة أخرى، وبحسب تصريحات الفريق أحمد قايد صالح المتكررة فإن توفيق تورط في مؤامرة ضد الجيش وضد الحراك، فيما واصل قائد الأركان وصف السعيد بوتفليقة ومن معه بـ”العصابة “.
أما سعيد بوتفليقة فمع مرور الولايات الرئاسية لشقيقه تغول، وأصبح هو الحاكم الفعلي، خاصة منذ الولاية الرابعة، لأنه تحول إلى حاجب لشقيقه المريض، والناقل للقرارات والرغبات، إلى درجة أصبح هو الرئيس الفعلي، والذي كان يوصف بواحد من « القوى غير الدستورية » من قبل علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق، قبل أن يصبحوا يوصفون بهذا الاسم من قبل قائد أركان الجيش نفسه، أما اللواء بشير طرطاق فقد استعمل لضرب توفيق في وقت أول، ثم أصبح الرجل الذي حاول إلى آخر لحظة إنقاذ “القوى الغير دستورية “.
“القدس العربي”