
#طانطاني24 / خليل حنون
لا يوجد مسلسل كوري سابقاً حصل على مثل هذه الضجة والنجاح، خاصة أن “لعبة الحبار” أتى من دون حملات دعاية وترويج، وهذا يدل أكثر على قوة هذا المسلسل في جذب مشاهديه والتي تمثلت في عناصر كثيرة.
صحيح أن ثيمة المسلسل تشبه أعمالاً كثيرة مثل أفلام Hunger Games والياباني Battle Royal وغيرها، إلا أن ما يميز “لعبة الحبار” هو أحداثه التي لا تدور في المستقبل أو في عالم متخيل، وإنما في كوريا الجنوبية اليوم وما فيها من مشاكل وحالات اجتماعية (عمال أجانب، وكوريون شماليون) وصراعات طبقية تطرّقت إليها أفلام سابقة بنفس الحالة العنيفة الدموية مثل Parasite و Snowpiercer.
في خلفية مشهد من المسلسل، نسمع بين عناوين الأخبار المذيع وهو يتحدث عن تزايد كبير في نسبة العائلات الواقعة تحت الدين في كوريا الجنوبية، وفي المسلسل معظم الشخصيات أتت من هذا الواقع.
بطلنا الأساسي “سيونغ” رجل فاشل في الحياة، مطلّق وعنده ابنة، غارق في المقامرة والديون، يعيش عالة على ظهر أمه العجوز التي تعمل طوال اليوم ليسرق فلوسها. هو ليس شخصية سيئة، ولكن ظروف الحياة وضعته في مآزق. والحل الوحيد أمامه للنجاة هو المشاركة في مسابقة ألعاب مريبة.
سيونغ هو الشخصية المحورية في المسلسل، شخصية تتطور من حلقة لحلقة، ليس هو فقط وإنما الشخصيات الرئيسية الأخرى، وهذه من جماليات المسلسل، فجميعهم ينكشفون أو يتخبطون ويعيشون صراعاتهم الداخلية، وتترنح بينهم العلاقات كلما دَنَتْ لحظة الحقيقة أي لحظة الموت، فرضتها دموية هذه الألعاب، التي أضحت الملجأ الوحيد والأخير لهم كأشخاص سحقتهم طبيعة الحياة ووضعتهم أمام مصير كان ألعن من دموية هذه الألعاب لذا اضطروا إلى خوضها. “العذاب في الخارج أقسى” تقول إحدى الشخصيات.
التصميم البصري لافت في هذا المسلسل، فكل هذا الموت والدماء لا تسيل وتتطاير في غابة أو صحراء أو ساحة مصارعة مكفهرة الأجواء، وإنما وسط ألوان وألعاب وأشياء عالم الطفولة. ساحات المواجهات المميتة عبارة عن ملاعب الحضانة وباحات اللعب المشمسة، وهذه مفارقة قاسية ساخرة. والمفارقة الأخرى أن هذه الألعاب قواعدها بسيطة ولا تحتاج لمجهود بدني عظيم. أما الكواليس فهي مظلمة داكنة، يكمن فيها الشر الحقيقي الذي يتحكم بمصير المشاركين “الأطفال” والذي أقنعهم أنهم متواجدين هنا بمحض إراداتهم، من أجل الحصول على فرصة العمر الأخيرة “الذهبية”.
هذا المسلسل يعرض أسوأ ما في البشر، ويعرض أيضاً جانباً من الخير فيهم. ربما هو صورة لما يدور في هذه الحياة، انعكاس للصراعات اليومية التي يخوضها بشر عاديون من أجل حياة أفضل بمجهود أقل، أو من أجل النجاة وبأي ثمن، وفوقهم يقبع الساسة وأصحاب السلطة والمال، يقامرون ويغامرون بأرواح الجميع من كواليسهم الداكنة ، يدفعونهم للصراع من أجل مصالحهم السياسية والتجارية أو لتسليتهم الشخصية.
التقييم: 9/10 ، عناصر القوة في التمثيل واختيار الممثلين، والكتابة التي أعادت تشكيل ثيمة معروفة بقالب جديد ومعالجة متعددة الصراعات، والإخراج والصياغة البصرية. هناك بعض الضعف في المسلسل أتى من بعض المشاهد والحوارات التي ممكن التنبوء أو الإحساس بنتيجتها، ومن بعض الشخصيات في الأحداث الجانبية. شاهدت أفلام كورية كثيرة لكن هذا أول مسلسل كوري أشاهده، وكان حظي جيد وأتمنى ألا ينتجوا موسماً ثانيا على عجل ويكون مصير المسلسل مثل مصير البروفيسور.