بقلم :توزيط نورا لدين.
ينتابني بين الفينة و الاخرى سؤال يؤرق مضجعي و تتشعب من خلاله ألاف الاستفهامات الغير المحصورة، كثيرا ما تجاذبت اطراف الحديث حولها مع زملاء اعلاميين بجهة كلميم واد نون لكن تيهان أغلبهم و عدم قدرتهم على الاستقلال الذاتي و التحيز للوبيات تسيطر على المشهد الاعلامي و السياسي معا، تجعل من كنه سؤالنا اشكالا مستعصيا .
و أطرحه أمامكم اليوم لنتقاسم معا هم مشهدنا الاعلامي السائر في طريق الميوعة و الخنوع للساسة، و عدم قدرته إلى اليوم في تفعيل أليات المواجهة و تعبئة الرأي العام المحلي و فتح نقاش سليم حول منتوجنا الاعلامي المسموع، المرئي و الرقمي .
فإلى اين يسير إعلامنا ؟و ماهي حصيلة منتوجه ؟و لماذا هو غائب كليا عن هموم عموم الناس و مآسيهم؟ و من يتحمل مسؤولية كل هذا؟
ان المتتبع للمشهد الاعلامي محليا ربما أول فكرة سيلتقطها على شكل ملاحظات ظاهرة للعيان،هي تلك الاقطاب المتناحرة في قالب صراع ولائي لشخصيات وقبائل، اول ما ينخر الجسم الصحفي بالجهات الجنوبية الثلاث، و تكبل قلمه وتجعله مجرد منصة لإطلاق التهم و النيل من اعراض الناس، و يتحول بمرور الايام إلى بيدق في لعبة سياسية كان الاعلام إلى الأمس هو من يسطر قواعدها و يتحكم في خيوطها، لكن أيادي السياسيين القدرة حولت أغلب من ينتسب إلى عائلة إعلاميي الجهات الجنوبية الثلاث إلى أقزام يقتاتون على فتات مائدة الفساد و الصفقات المشبوهة.
ليعيشو في كويكب فلان أو علان حتى أمست بعض المواقع عوضا ان ندعوها بأسمائها نطلق عليها “موقع x و موقع y“، و هذا لا ينطبق على المواقع الالكترونية فقط بل يمتد إلى اعلى الهرم لتتحول اسماء اعلاميي قناة العيون الجهوية في اعتقاد البعض إلى موالين لهذا او ذاك .
بموجب هذه النازلة يتحول اعلامنا من اعلام مشاكس يبحث عن اشكاليات التنمية و يكشف الستار عن المستور و ينير العموم بأجويته؛ إلى اعلام خاضع لا يأبه بعموم الناس و همومهم، بل يتجاوز كل هذا في حالة شادة ليتبلور على شكل عنصرية مقيتتة اتجاه الغير الناطقين بالحسانية .
هي مسلكيات اضحت تطبع سلوكيات اغلب صحفيي المنطقة، و يقتاتون بفضلها من صراع هامشي تكون الشخصيات العامة و القبيلة محور من يؤطره، ويمتزج انتاجنا الاعلامي بالفضحية ويغوص في مستنقع الرذيلة الممزوجة بالندالة.
ليقتل الابداع و يغتال حب الاطلاع و ترفع نعوش مهنة البحث عن المتاعب ليخرج إلى الوجود لقيط يدعى مهنة البحث عن الاتعاب، يشترط فيها لتسلق سلالم النجومية ان تكون مائعا و محسوب على فلان و أن تتجرد من كرامتك، و تصبح مجرد بوق يرقص للرئيس و يطبل للفاسد و يضفي عليهم ما تيسر من صفات التبجيل و التعظيم.
ليكون على حق ولو اشهرتم أرقى اسلحتكم اللفظية من يدعي ان الاعلام بالجهات الجنوبية الثلاث في مرحلة الانعاش او ربما توفي و لم يعلن عن وفاته بعد، واقع ميؤوس منه لا ينكره إلا المستفيد من ريع السياسية أو المتحصن و راء مكتسبات مرحلة الانعاش.
معضلتنا علاجها بأيدي كل المتدخلين في وضع معالمها من صحفيين اهل البيت وصولا إلىالجامعات أهل الاختصاص و الاساتذة المشرفين على تكوين تخصص الاعلام و التحرير الصحفي.
لنتساءل مرة أخرى اذا كان الاعلام مرآة للمجتمع فلماذا تجاوزته مواقع التواصل الاجتماعي ؟ و إذا كان التكوين شرط للممارسة المهنة فهل يحتاج انتاجنا الاعلامي الرديئ من كل النواحي إلى شهادة يحوم حولها أكثر من شبهة؟
لا نبتغي من وراء هذا الخطاب إلى إعلان الحرب على أي جهة كيفما كانت لكن نرجو منه أن يأسس إلى مرحلة النقد الذاتي و أن يحسس أصحاب السلطة الرابعة بأدوارهم،
ويُعودوا على أن أنفسهم ممارسة المهنة بأصولها كما كانت و ستكون بدل تقبل الاظرفة و الاعتياد على الولائم.