رجل من الزمن المفقود.
ستنظم جمعية الاوراش للصحافة والتواصل بطانطان حفل توزيع جوائز دوري المرحوم لحسن نبيه بقاعة سينما النهضة التي شيدها المرحوم بالمدينة إيمانا منه بدور الثقافة و المسرح في توعية المجتمع و الدفع بعجلة الاستثمار بطانطان التي كانت تفتقر لأبسط شروط النجاح الاقتصادي .
ورغم أن الفقيد كان يعي جيدا هذه المعيقات التي قد لا يتجادل فيها من عاصروا المرحلة لكن علاقة اليتم التي تربط الراحل بالمدينة كانت اقوي من مقولة ” الرأسمال جبان ” لذلك كان من الواجب علينا أن نغوص في رحلة المتيم بين معاطف المدينة التي احتضنه حبها ليكسوها سخاء بمشاريع عمرانية لا يتوخى منها المردودية بقدر ما يجعلها مائدة لجلب الاستثمار يركب عليها القائمون على الشأن المحلي و الذين لم يكونوا قط في مستوى تقييم الهدف الحاتمي .
لقد كان الراحل بهذه الابتسامة الناطقة و التى فيها من الدلالة ما يجعل المهرولون و راء المجهول في ارتباك دائم نظرا لمواصلة الرجل في التشييد العقيم نفعا إلى درجة بنا ء فندق من خمسة نجوم في مدينة ينعدم فيها حتى الماء الصالح للشرب و كأنه يعطف على طائر النورس المحلق دوما فوق الفندق بحثا عن مكان للتزاوج .
حاول الفقيد أن يبعث بالرسائل المشفرة لصانعي القرار السياسي و الاقتصادي ، ليقول لهم نحن هنا . و لكن هل يسمع من بأذنيه صمم ، لقد كان قدر ه عشق مدينة كتب عليها العبور قبل الولادة ، لذلك كانت هذه الضحكة البريئة توحى إليك أن الرجل ينتمي لكتيبة عبيدة بن الجراح لا ينتظر سوى الالتحاق بها .
يذكرني هذا الفدائي بأحد فلاسفة الرومان دعاه رفاقه للإحتفال به عندما بلغ منه الكبر عتيا و كان قد و صل سن الثمانين . بغية معرفة ما جادت به عقلية السن المتقدمة . أتدرون ماذا قال لهم و ليتهم لم يدعوه للاحتفال .
لقد قال لهم كلمته الخالدة التي لازال طلاب الجامعات الرومانية يرددونها في بحوثهم الدراسية الى يومنا هذا. قال “كنت اتمنى أ ن أرى الدنيا بعيني العجوزين ، فلما رأيتها أدركت انني لم أعد أنتمي إليها “
لقد ترك المرحوم للذين لا يثمنون التضحيات معلمتين سياحيتين لا مثيل لهما بالمدينة يستنجدون بهما كلما هبت عليهم وفود القيمة المضافة الذين عادة ما ، لا يطيب لهم المقام إلا في الاربع نجوم وما فوق .
أسدى الراحل للذين تواكبوا على تسيير الاقليم من الخدمات التي تشرف وجودهم على هرم السلطة بالمدينة ما تعجز الكتابة على الإحاطة به .
فسفراء النوايا الحسنة الذين ساهموا في تصنيف موسم طانطان ضمن التراث العالمي الانساني اللا مادي حطوا الرحال بفقندق نبيه لحسن .
الوفود القادمة من جميع أنحاء العالم إرتاحت و سكنت بأمان في فندق نبيه لحسن . الوزراء وعلية القوم القادمة و العابرة للمدينة لا مقر لها إلا فندق نبيه لحسن .
لو مكثت احصي الزيارات لما وأفيت الورقة حقها .
كل هذا التوفير المريح الذي خلفه الراحل ليكون في مستوي القادمون لم يشفع له عند اعداء المبادرات التنموية بالجنوب . فبمجرد مغادرة المرحوم هذه الدنيا الفانية ، حتى سارعت السلطات المحلية بمعية مجلسها المهرول الي هدم الحاجز السوري الذي يؤمن الفندق من الدخلاء و يوفر السلامة الامنية للقاطنين .
هذا هو ثمن التضحيات و هذي هي نوعية مكافئة الغيورين على سمعة وطنهم .
خبروني بالله عليكم لو لم يكن موجودا هذا الفندق بهذه المدينة الجريحة و المظلومة حتى من اقرب الناس إليها .
أهناك عضو واحد بمجموع المجالس الجماعية التي تغطي الاقليم يمكن ان يتجاهل مغامرات الرجل في مشاريع ولدت ميتة الربح ؟.
ألا يدعى هذا انتحار إقتصادي في سبيل صمعة المدينة ووزن مسيريها . أليس فيكم رجل رشيد؟
لقد رحل عنا طيب الذكر إلى جوار ربه الذي لا يغفل ولا ينام و هو المجازي و الرحيم .
وبهذه المناسبة التي أهدتنا فيها هذه الكوكبة من شباب الكلمة في جمعية الاوراش الصحراوية للصحافة و التواصل هذا الدوري الرمضا ني الذي أبت إلا أن يكون باسم المرحوم تقديرا منها لعطائه و تكريما لأعماله النبيلة و هي خير من يتربع على كرسي الحكم على الذاكرة التنموية بالإقليم .
نقدر فيكم هذا العمل النبيل ونشد على أياديكم فى هذه الخطوة التى نعلم انها لن تكون الاخيرة و نحيي فيكم هذه الغيرة على شرفائكم ودمتم لإقليمكم مناصرين وموعدنا حفلكم العظيم. أحمد الريفي