هي بلدية الوطية التابعة لعمالة إقليم طانطان، تلك المدينة الساحلية النامية المرتبطة بميناء طانطان، الذي كان ومازال يعتبر من أهم الموانئ المغربية المُدِرَّة للدخل الجيّد، بحكم إحتوائه على مجموعة من الشركات المختصة في صناعة دقيق وزيوت السمك، ونظرا كذلك لإحتوائه على أكبر شركة للصيد في أعالي البحار، على الصعيد الوطني والإفريقي والعربي، زيادة على الأنشطة المرتبطة بالصيد الساحلي، وهو ما جعل هذه المدينة مصدرا لتهافت المترشحين على مجالسها بقوة، إلى درجة أصبحت معه أثمان أصوات الناخِبين، وشراء ذِمَمِهم تصل إلى أثمنة خيالية وخارجة عن المعتاد في قاموس الفساد .
هذه المدينة التي كانت في أواخر التسعينات، محور شريط وثائقي تلفزي لإحدى القنوات الإسبانية المشهورة، التي أشادت بجمالية ورونق وخصوصية هذه المدينة الناشئة، وآفاقها المستقبلية على المستوى السياحي والإقتصادي والعمراني .
ولكن حال مدينة الوطية اليوم ونحن على مشارف 2018، أصبح يدفعنا إلى طرح ألف سؤال وسؤال، حول ما آلت إليه المدينة من فوضى وتدَنِّـي على مستوى التسيير والإصلاح والأمن، الأمر الذي لا يتناسب بتاثا مع الأهمية التي توليها الدولة للأقاليم الصحراوية، ولا مع الميزانية المرصودة لهذه المدينة، وكذا حجم مداخيلها السنوية المُتأَتِّية من أنشطة الميناء .
إنَّ الزائر لهذا المنتجع السياحي من ساكنة طانطان ونواحيها، يصطدم بهول الفوضى والإهمال واللامبالات، في تسيير الشأن العام المحلي للمدينة، وغياب أي برنامج أوإستراتيجية مسبقة لإستقبال فصل الصيف، نظرا لما يشكله هذا الفصل من أهمية إقتصادية وسياحية للسكان والمدينة، لكن القائمين على سياسة المدينة من منتخبين وأحزاب ورجال أمن، مازالوا غير معنيين بخطاب العرش الأخير، ولا بمضامين الدستور الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، نظرا لما تعرفه المدينة من تسيب في التسيير، ولبس وضبابية وتأخير في إنجاز المشاريع، فلا يعقل أن يظل المسؤولون عن إنجاز هذه المشاريع، طيلة أيام السنة متوقفين عن العمل، ومنشغلين بمصالحهم الشخصية وفي سباتهم يعمهون، إلى أن يحل الصيف لكي يشرعوا في بدء هذه الأشغال ذرّا للرماد في العيون، ولا يعقل أيضا في أي حال من الأحوال أن يتحوَّل الرصيف المحادي للشاطئ (الكورنيش)، في عز الصيف وفترة الدروة السياحية، إلى أرض خراب ونقط سوداء لا تصلح لسير الدواب فما بالك بالبشر، دون أن تُكلِّف البلدية نفسها عناء ترقيع وتهيئ هذه الأرضية، ولو مؤقتا في هذه الفترة بالذات على الأقل، كأدنى تعبير عن مراعاتها لشعور وراحة المصطافين من الساكنة والزوار، أما الشاطئ في حدّ ذاته فقد أصبح عبارة عن مزبلة أو مقلع للأحجار، مما يعطي إنطباعا للزائر بأنه في ساحة حرب أو ورش بناء وليس في شاطئ .
هي الغيرة على هذا الجزء العزيز من أراضينا الصحراوية، من يدفعنا إلى فضح هذا التسيب والتقصير في القيام بالمسؤولية، وإلا ما جدوى إفتخارنا وتباهينا بالتنوع الطبيعي والجغرافي المغربي، وتشدقنا الدائم بأننا أول بلد سياحي في إفريقيا، ونحن لا نملك أدنى مقومات الإحتياجات الإنسانية الضرورية والعادية في شاطئ الوطية .
يجب على المسؤولين أن يعوا جيدا، أن كل ما أنيط بهم من مسؤوليات من طرف الناخبين، هو من أجل تهيئ مناخ ملائم وأجواء مرضية، للساكنة والمصطافين في فصل الصيف خصوصا، وأن كل عمل أو ورش هو مرهون بهذا الفصل بالضبط، وأي مشروع إصلاحي يجب أن يرتبط بالزمان والمكان، كجزء لا يتجزأ من أي مخطط إصلاحي أو خارطة طريق مستقبلية، ولا بد لهم أيضا أن يعوا بأنهم بين خيارين، فإمَّا أن يعملوا ما في وسعهم وبكفاءة عالية خدمة للصالح العام، وإما أن ينسحبوا فورا لتجْنِيبِ البلاد والعباد أقل الخسائر الممكنة .
كــولال محمد