طانطاني 24 : صباح أكادير
تحل غدا الاثنين الذكرى العشرون لميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في مناسبة تتجدد فيها نفس الفرحة التي عاشها الشعب المغربي يوم 8 ماي 2003، اليوم الذي أشرقت فيه جنبات القصر الملكي العامر بميلاد ولي العهد، الذي اختار له صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اسم مولاي الحسن.
وتشكل هذه الذكرى مناسبة يستحضر فيها الشعب المغربي الاحتفالات البهيجة التي أعقبت الإعلان عن ميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وفرصة لتجسيد الارتباط المكين بين الشعب المغربي والعرش العلوي المجيد.
وقد جاء إطلاق اسم مولاي الحسن على ولي العهد، تعبيرا عن قيم ومبادئ الوفاء لملكين عظيمين في تاريخ البلاد هما السلطان مولاي الحسن الأول وجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، وتجسيدا لاستمرارية العرش واستقرار البلاد وتماسكها عبر التاريخ.
وينطوي تخليد ذكرى ميلاد ولي العهد على رمزية تاريخية وعاطفية بالغة الدلالة، فهو تعبير عن الاستمرارية، التي تطبع تاريخ الدولة العلوية الشريفة، التي حافظ ملوكها، طيلة أزيد من ثلاثة قرون، على القيم والمبادئ التي تأسست من أجلها، ألا وهي الدفاع عن وحدة الوطن واستقلاله وصيانة مقدساته، المجسدة في شعار المملكة “الله الوطن الملك”.
ولذلك، فإن الاحتفال بهذه الذكرى يجسد أروع صورة لتمسك الأمة، على اختلاف مكوناتها، بمبدأ الوفاء للعرش العلوي المجيد والحرص على استمراريته، من خلال نظام التوارث والبيعة الشرعية لملك البلاد، أمير المؤمنين حامي حمى الوطن والدين.
والواقع أن الاحتفال بهذه الذكرى السعيدة ما هو إلا تأكيد على ما لمؤسسة ولاية العهد من أهمية جليلة داخل أركان الدولة ونظام الحكم، ذلك أن ولاية العهد تعد من النظم الإسلامية العريقة، حيث تتلخص مقاصدها الشرعية في التأكيد على ضمانة استمرار الدولة في شخص الملك واستمرار مقومات الدين في شخص أمير المؤمنين.
كما تتمثل الأهمية الكبيرة التي تحظى بها مؤسسة ولاية العهد من خلال الحرص الموصول على تنشئة سموه في ظل أحسن الظروف ووفق برامج مخصصة للتربية والتكوين.ليكمل اليوم ولي العهد مولاي الحسن عقده الثاني ويصبح أكثر نضجا وأوضح في “الكاريزما”، مع ما يبعثه ذلك من إشارات عن وريث العرش في المستقبل.
وتشكل مشاركة الشعب المغربي الأسرة الملكية احتفالها بهذا الحدث السعيد، عربونا على أواصر التلاحم والترابط التي ظلت على الدوام تجمع العرش بالشعب، وتأكيدا على تعلق هذا الأخير بقائد الأمة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ضامن وحدة البلاد وتماسكها واستقرارها وتطورها ونموها، وذلك بفضل الجهود التي ما فتئ جلالته يبذلها من خلال الأوراش الكبرى المفتوحة على جميع الأصعدة، لبناء مغرب الغد.
ويعد هذا الحدث السعيد مناسبة لاستحضار الأنشطة البارزة التي قام بها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الذي حصل في يوليوز 2020 على شهادة البكالوريا – دورة 2020 “خيار دولي”، مسلك “علوم اقتصادية واجتماعية”، بميزة “حسن جدا”.
حضر ولي العهد الأمير مولاي الحسن في عدد من الوقائع والأحداث وظهر بشكل لافت نال إعجاب المغاربة، من خلال عدد من المشاهد المصورة التي أظهرت جزءا من شخصيته العاكسة لأصول وتقاليد المؤسسة الملكية العريقة بالمغرب.
خروج ولي العهد الأمير الشاب إلى الشارع للاحتفال بإنجاز “أسود الأطلس” في مونديال “قطر 2022″، شكل نقطة مهمة في تقريب وتقديم صورته للمغاربة كواحد من أبناء الشعب الذين يفرحون بشكل كبير بإنجاز المنتخب الوطني، كما أن هذه الصور والفيديوهات المنشورة تبين جانبا من اهتماماته الشخصية، التي يمكن أن تجدها عند غيره من الشباب.
الحضور المتزايد لولي العهد في الفضاء العمومي يندرج في إطار الإعداد المتواصل للمهام والمسؤوليات، سواء المستقبلية المرتبطة بوراثة العرش، أو بحكم ولاية العهد وما تتطلب من تولي ما يسند إليه، خصوصا وأنه أتم سن العشرين (الفصل 44 من الدستور)”، هذا ما يعتقد به إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
واعتبر حمودي في تصريح صحفي، أن خروج الملك محمد السادس وولي العهد للاحتفال بمنتخب كرة القدم، والتقاط صور مع المواطنين والتجول بين الناس، “كلها مواقف تعزز التماسك والقرب والتواصل، بل حتى الاحتضان المتبادل بين الملكية وعموم المواطنين، وهو تفاعل عفوي وتلقائي يعكس درجة القرب والتواصل القائم بين الملكية والشعب المغربي”.
ويرى حمودي أيضا أن ولي العهد الأمير مولاي الحسن أظهر في سلوكه مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في حفل إحياء ليلة القدر من رمضان الفائت بالدار البيضاء، حرصه على “تقاليد البروتوكول الملكي المعمول بها، ووعيه بدوره ومكانته كولي للعهد”.
وتابع: “هذه المشاهد تعكس صورة جزئية لما يمكن أن يكون عليه ملك المستقبل، الذي يدرس حاليا في بلده وليس في أوروبا أو أمريكا، وبين أبناء وطنه من شرائح ومناطق مختلفة، ويعيش شبابه مثل باقي أقرانه”، مؤكدا أن “هذا المسار سيؤهل وريث العرش كي يكون مواطنا منفتحا، يعيش وسط الناس على منوال العديد من الملكيات التي كسرت الحواجز غير الضرورية”.
وختم حمودي تصريحه لهسبريس قائلا: “إدراك ولي العهد سن العشرين، الذي يوافق الفصل الأخير من دراساته في سلك الإجازة بالتعليم العالي، يجعل منه شخصا مؤهلا للقيام بكافة المسؤوليات والوظائف والأدوار التي يمكن أن تسند إليه من قبل الملك أو تخول له بمقتضى الدستور والقانون”.
ومن الأنشطة البارزة التي قام بها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن مؤخرا:
ففي 28 مارس الماضي تم بالرباط، تشييع جثمان الراحل عبد الواحد الراضي، رئيس مجلس النواب الأسبق والقيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وذلك بحضور صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد.
وبتاريخ 17 نونبر 2022، أشرف صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بمقر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالرباط، على افتتاح المعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
كما ترأس صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في 17 أكتوبر 2022 حفل افتتاح الدورة ال13 لمعرض الفرس للجديدة، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الفترة ما بين 18 و23 أكتوبر الجاري.
وبالرباط في 18 شتنبر 2022 ترأس صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بنادي البولو السويسي التابع للحرس الملكي، المباراة النهائية للدورة الأولى لنيل كأس العرش في رياضة البولو.
وفي شهر رمضان المبارك 1444ه رافق صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في أنشطة مختلفة ترأسها جلالته، منها على الخصوص، العملية الوطنية “رمضان 1444″، والدروس الحسنية، وزيارة ضريح محمد الخامس بمناسبة حلول العاشر من رمضان ذكرى وفاة أب الأمة طيب الله ثراه، وإحياء ليلة القدر المباركة، وصلاة عيد الفطر وتقبل التهاني.
وقبل ذلك رافق سموه، أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خلاله ترؤسه بمسجد حسان بالرباط، لحفل ديني إحياء لليلة المولد النبوي الشريف، ولافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة بمقر البرلمان، وكذا خلال استقبال جلالة الملك لأعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم، بعد أدائهم المتميز في كأس العالم (فيفا) – قطر 2022.
وإلى جانب مجموعة من المجالس الوزارية التي ترأسها جلالته، رافق صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، جلالة الملك في 30 يوليوز 2022، خلال استقبال جلالته بالقصر الملكي بالرباط، للسيد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، الذي قدم إلى جلالته التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2021.
وهكذا فقد أضحت ذكرى ميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن مناسبة سعيدة تحتفل بها كل مكونات الشعب المغربي، وتعبر من خلالها عن مشاطرة الأسرة الملكية الشريفة أفراحها ومسراتها، وتجدد بالمناسبة آيات الولاء والإخلاص لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.