الدورة ال 17 لموسم طانطان: ندوة علمية دولية تناقش الموروث الثقافي الحساني وانفتاحه على العمق الإفريقي


التأم باحثون وخبراء، مغاربة وأفارقة، الأحد بمدينة طانطان، في إطار ندوة علمية دولية حول موضوع “موسم طانطان والعمق الإفريقي للثقافة الحسانية”، نظمتها مؤسسة “الموكار” ضمن “ندوة الاستثمار الأخضر والثقافة” المنظمة في إطار فعاليات الدورة ال 17 لموسم طانطان (26-30 يونيو).

وتهدف هذه الندوة، التي توزعت على عدة جلسات أطرها خبراء وباحثون في التاريخ والتراث من المغرب وموريتانيإ ومالي وبوركينا فاصو والنيجر، إلى البحث في العمق الافريقي للثقافة الحسانية من خلال عدة تقاطعات ثقافية واجتماعية وأنثروبولوجية، وإبراز مناطق الالتقاء والتقاطعات في هذه الثقافة، وكذا إبراز الدور المحوري الذي لعبه موسم طانطان مند عقود كنقطة التقاء ثقافي واقتصادي واجتماعي.

وقد لعب موسم طانطان، بحسب ورقة تقديمية للندوة، دورا مهما في إحياء الروابط الاجتماعية والاقتصادية بين مجالي ضفتي الصحراء الكبرى والتي تأسست تاريخيا عبر الامتدادات القبلية والهجرات البشرية نحو الجنوب والجنوب الشرقي مما أثمر انتشار الثقافة الحسانية بحمولتها الثقافية والدينية على نطاق مجالي واسع اصطلح على تسميته ب “اتراب البيظان ” الممتد شمالا من واد نون وواد درعة إلى الضفة اليمنى لنهر السينغال جنوبا، ومن المحيط الأطلسي غربا إلى شمال النيجر ومالي شرقا.


وأبرز مصطفى جلوق، مدير التراث الثقافي بوزارة والشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، في مداخلة حول “التراث الثقافي اللامادي المغربي: حصيلة وآفاق”، الجهود التي تقوم بها الوزارة منذ إقرار اتفاقية اليونيسكو سنة 2003 الخاصة بصون التراث غير المادي، والتي صادق عليها المغرب سنة 2006 ، وذلك من أجل الحفاظ على التراث الثقافي اللامادي الغني بالمغرب.

وتوقف عند الإنجازات التي قامت بها الوزارة في ما يتعلق بالعناصر التي تم إدراجها على قوائم اليونيسكو والبالغ عددها 14 عنصرا منها موسم طانطان وجامع الفنا، مشيرا إلى أن من بين مجموع هذه العناصر هناك عنصر تراثي واحد يحتاج إلى صون استعجالي ويتعلق برقصة “تاسكيوين” بجبال الأطلس الكبير.كما تطرق إلى التحديات والإشكاليات المرتبطة بإدراج هذه العناصر التراثية في لائحة اليونيسكو ومنها إشكالية الملكية الفكرية حيث أن اتفاقية 2003 لليونيسكو لا تحمي الملكية الفكرية وإنما تعترف فقط بوجود عنصر تراثي ما فوق أرض معينة ولذلك تبقى الحماية الفكرية هي الإطار الأساس.

من جهته، أبرز أحمد ولد احظانا، باحث في الثقافة الحسانية (موريتانيا)، أهمية الموسيقى الحسانية كموسيقى إفريقية لكونها ترعرعت واكتملت في حيز القارة الإفريقية إلى جانب أصولها العربية الحسانية، مستعرضا بعض سمات الانتماء القاري لهذه الموسيقى.

من جانبه، قال ليونس كي، أستاذ باحث (بوركينا فاصو)، إن بوركينا فاصو تتوفر على إطار قانوني وترسانة تشريعية لحماية وتثمين مختلف عناصر التراث الثقافي حيث يتم منذ سنة 2012 جرد عناصر التراث الثقافي اللامادي، كما نعمل على تعزيز قدرات العاملين في هذا المجال، فالتراث الثقافي اللامادي مهدد بالاندثار مما يفرض تحديد أسباب وعوامل ذلك.

كما شدد على أهمية وضع مقاربة محلية لتثمين هذا التراث وحمايته والترويج له عبر تنظيم تظاهرات ثقافية والتحسيس والتوعية بكيفية الحفاظ عليه في كل مكان وفي أي بلد لأن هذا التراث لا حدود جغرافية له.أما إبراهيم مامان، باحث في التراث من النيجر، فأكد أن التراث الثقافي اللامادي بالنيجر هو منظم بقانون صادر سنة 1997 ، مبرزا أنه تم جرد أكثر من ألفي عنصر تراثي، منها عنصرين فقط تم تقييدهما على لائحة اليونيسكو.

ودعا إلى حماية هذا الموروث من الاندثار لأن عددا من دول الساحل تواجه أزمات ونزاعات، مشددا على ضرورة استخدام هذا الموروث من أجل التعايش والتسامح. بدوره، أبرز الخبير في التراث والتنمية المحلية، سيسي لاسانا (مالي)، أهمية اتفاقية اليونيسكو الخاصة بصون التراث غير المادي، مستعرضا مجموعة من العناصر التراثية التي تم تصنيفها بمالي، منها موسيقى “إمزاد Emzad ” الخاصة بمجتمعات الطوارق، ومسابقة خاصة بالأبقار وسط المياه، ومثلث “Palafon ” وفضاء ” Yaraal et degal”، داعيا إلى حماية هذا التراث المهدد بالاندثار.من جانبه، تطرق إبراهيم الحسين، باحث في التراث الأدبي والحساني، إلى مجموعة من الانتاجات الفنية والجمالية التي أبدعها المجتمع الحساني في الصحراء بصور متناسقة زاوجت بين النفعي والوظيفي وفي تقاطعها مع الفنون الافريقية المجاورة، ومنها الموسيقى الحسانية التقليدية بإيقاعاتها وآلاتها، وأيضا من خلال المباني التقليدية للخيام بمختلف مكوناتها ،فضلا عن اللباس والمشغولات اليدوية.

وتطرقت باقي المداخلات إلى عدة مواضيع منها دور موسم طانطان في صون وتثمين التراث الثقافي غير المادي بمجال “البيظان”، ومظاهر الحضور الحساني في المجال الأفريقي، وامتداد تراب “البيظان” كمجال للتلاقح الثقافي في العمق الإفريقي، والتشكلات الفرجوية للتراث الثقافي الحساني.واختتمت مساء الأحد ، فعاليات موسم طانطان الذي تنظمه مؤسسة “الموكار” منذ 26 يونيو الجاري، تحت شعار “موسم طانطان: 20 عاما من الصون والتنمية البشرية”.

طانطاني 24 : و م ع

اترك رد