الابتزاز الفيسبوكي.. جرائم تتغذى على طفرة «التواصل الاجتماعي» ومهنة الإبتزاز لا تتطلب الا هاتفا نقالا
استفاق من جديد بعد أن تطاول على السابقين وهاهو اليوم يحك نحاس الأبطال اللاحقين ، وينشر من جديد ثمالة الغسق المترعة بالشجن والحقد والنفاق، لتأتي تلك الزوبعة الرملية، تهجم فى غرور وثقة على الفضاء ظنا منه أنها ستطيح بالكون فى غمضة عين، ثم ترتطم بالصخر فتتلاشى وكأنها لم توجد تم تذوب…. وفي زمن المعلوميات صار البعض يستيقظ باكرا كل صباح ممتهنا مهنة الإبتزاز متنقلا بين المقاهي ومستغلا كل كبيرة وصغيره لممارسة ابتزازه الذي ألفه.
تراه حتى في أصغر المدن يتنقل بين المقاهي من أقصى الشمال للجنوب تلازمه دعوات صباحية لعشرات من يدعون له بالإبتعاد عنهم كبسطاء فقراء رافعين أيديهم الى الله، جالسا وحيدا كمن لا صديق له ينتظر مشهدا معينا ليستغله للإبتزاز أو سهوا سمعه من فلان ليجعل منه قصة تدر له دخلا ومالا، يحرك عيناه الشاهبتان يمينا ويسارا عروق رقبته كانت نافرة بارزة تحت وطأة الظلم والكذب والنفاق الذي يمارسه، يقفز بين هذا وذاك وكان أخرها أيضا تطاوله على الصناديد السابقين ممن انتزعوا حقهم بالنضال السلمي، لكن لم ينتظر حتى يكتمل الشهر حتى يخرج من جديد بقصة أخرى ينابز فيها بالألقاب ويصف هذا بأبخس النعوت وهو لا يعلم أنه لو اقترب قليلا هو وحاشيته وتطاوله قد تكون تلك نهايته الأخيرة التي لم يكن يرتقبها بعيدا عن لغة الخشب الفايسبوكية والصراعات التافهة الكرطونية ولتغيرت الفاتحة .
من الصعب أن تجيب بالنفي وتنكر تعرضك خلال مسار حياتك لموقف ابتزازي حدث تجاهك يوما ما، فمنذ الطفولة يتجسد الإبتزاز حين يهددك أخوك بأن يخبر أبوك بأنك أنت من اتلفت الجهاز او كسرت الزجاج إن لم تعطه اللعبة أو الدراجة الهوائية ليلعب قليلا.
كثيرا ما يسعى البعض لبلوغ هدفه عبر الإبتزاز الفيسبوكي مستغلا إقحام الجميع في قصصه من أجل أن يصل لرغباته التي لا تعد ولا تحصى، تراه يقفز بين المجموعات والفئات يصف هذا بلقب يراه مناسبا له ويصف مجموعة بما شاء في تدني حقيقي لمستوى فكري موضوعي ومسعاه هو أن يؤتت بعض السطور لكسب التعاطف، هاهو هذا الشهر في صراع مع هذا وقبله في متابعات مع ذاك وبينهما لا يعرف حتى فترة نقاهة أو استراحة وإن وجد حتى قصة “فلة والأقزام السبعة” لكتب عنها ونسج عنها الف ليلة وليلة.
هو من يجعل الإبتزاز مهنة له واضح وضوح الشمس في كبد النهار وصفحته الشخصية شاهدة على ماكان ينشره تراه اليوم شاكرا لفلان أو أخر وبعدها تراه يضرب في هذا أو ذاك يرقص على نغمات اليأس والفشل بل وحتى جلسة رفاقية صباحية وحيدة مع سيجارة صباحية استغلها ليلف فيها الف قصة وقصة ليسرد فيها العشاء والغداء في زمن أصبحنا لا نحس بمذاق الأكل من كثرة الظلم والكذب والنفاق .
بينما جالسا يتمعن قبل ذلك السلام الذي القاه وفي عينيه يختزل الحقد الكبير، لم يسترح قليلا لينشر بعدها تدوينة محاولا الدفاع عن من يريد ان يعلمهم لحن النشيد ظنا منه أنه هو العارف بشؤون الدنيا، ولا يعلم ان من كان يجلس على مقربة من تلك القهوى التي يرشفها ذلك الصباح قادرين ان يلقنوه درسا في الرجولة قبل كل شيئ وفي فن التعامل بعدها في الإسلام الذي حرم التنابز وبعدها في الرزانة والثبات، ويصفهم بالصوت الخافت وهو لا يعلم أنهم في دقيقة قادرين ان يجعلوا حياته تنقلب رأس على عقب، فقد يصير لحنا عندما نكون على مزاج ونغني لك لنا نشيد الاوروغواي كاطول نشيد دولة في العالم وبسمفونية فرقة اللباس الأسود ليتعلم منها العبر والخواتيم، وقد يصير ضجيجا عليك فأنت من الفت الضجيج مع الناس جمعاء أما نحن نحمد الله ونشكره نمشي بنوايانا الصافية ونترقب الفرج من الله تعالى، ولا نبالي لأحد ولو شاءت الأقدار كل أمانينا ان نرى أبناء المدينة بطائرات من طراز بوينغ 777، ولسنا مثلك حتى نتجاوز الحدود ومن تجاوز حدود الله فقط ظلم نفسه.
من الصعب أن يجيب احدا منا بالنفي وتنكر تعرضه خلال مسار حياته لموقف ابتزازي حدث تجاهه يوما ما، فمنذ الطفولة يتجسد الإبتزاز حين يهددك أخوك بأن يخبر أبوك بأنك أنت من اتلفت الجهاز او كسرت الزجاج إن لم تعطه اللعبة أو الدراجة الهوائية ليلعب قليلا .
ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بكل أنواعها والتطبيقات المختلفة تفاقمت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني خاصة في صفوف من يسعون لتحقيق رغباتهم من وراء الشاشات وأصبحت منبر من لا منبر له، ويعتبر”موقع الفيس بوك” أحد أكثر وسائل التواصل شعبية في عصرنا الراهن فبواسطته ترتكب جرائم التهديد والابتزاز بشتى أنواعها” ومنها يستفيد من مساومة مالية أو مصلحة ضيقة لوقف نزيف الحرب وتجميد السلاح، رافعا البعض شعارا اما أن تعطيني وتدرج أسمي مع المجموعة أو أكتب عنك ما ليس فيك، وقد يكون لكن ما هكذا تورد الإبل وليس باستغلال ضعفاء فقراء يبحثون فقط عن لقمة عيش لتضرب بهم أنت عرض الحائط متناسيا أن الأقلام لا ترعبنا وأن الراديكالية أيضا نحن أربابها فاسأل عن مكان سباحتك قبل دخول البحر فقط تدخل مناطق غير محروسة وتصير غريقا.
ليتطور بعدها الإبتزاز مع تطور العولمة ويتخد مستويات أخرى وفضاءات أخرى، والأخطر هو انتقال الابتزاز من العالم الواقعي للعالم الإفتراضي، وتظهر بعض الدراسات لباحثين ان بين كل 100 شخص _كنسبة تقديرية_ يستخدم الإنترنت هناك واحد تعرض للابتزاز الإلكتروني بعدة طرق، سواء عبر تسجيل صوتي أو فيديو أو كتابات أو صور ومصدر هذا الرقم هو صحيفة «نيويورك تايمز»،
إن الخطير في الأمر هو عندما تتسع رقعة الإبتزاز بين من يستغله لأغراض شخصية اما الحصول عن المال أو على وظيفة أو علاقات شخصية…وبين من يبتز ولا يعلم ان ابتزازه هذا له تأثير سواء على بعض المستضعفين والمجتمع وعلى المنظومة ككل، لأن ليس الخطير هو الإبتزاز او كتابة تدوينة ضد فلان لأجل غرض معين، لكن الأخطر هو عندما يكشر المبتز عن أنيابه الإسمنتية دون مراعاة تأثيره على المجتمع ككل مستغلا أطراف كقنطرة للعبور وغالبا ما يراها قنطرة صغيرة لكن قد يتعثر لا محالة داخل إحدى الجسور السوداء.
الخطير أيضا هو أن الابتزاز ليس شخصي أو فردي مادام المبتز في أي تدوينة له يحاول أن يبتز شخصا معينا عن طريق الغبن أو التدليس وادخال اطراف ليربطها بكل قصة ظنا منه أن إقحام البعض ذكاء منه لكسب التعاطف من هذه الفئات وهو في الحقيقة لا يكسب الا عداوة وحقدا دفينا يمشي في شرايينه.
أصبحت اليوم تعج ملفات الابتزاز الإلكتروني بالكثير من الوقائع والقصص المفجعة والمثيرة أيضا ومنها الكثير من المضحكة… تبدأ الحكاية بنصب المحتال شباك الخديعة والكذب وحفر الفخ لتوهيم الكثير أنه على حق، مستعملا فئة مثقفة كمدخل لتحقيق رغباته وهو على يقين أن هذه الفئة قادرة في النقاش معه أمام الملئ ومع تشغيل زر المباشر ليصل الى الجميع، ليبقى هدفه واحد في كل الأحوال: جني الأموال عبر وسائل رخيصة تهدد استقرار المجتمع.
فكثيرا ما أكدت بعض التجارب الطبية الدولية أن 90 فالمئة ممن يمتهن الإبتزاز يعاني من أمراض باطنية ونفسية تفقده شخصية الحديث بالبرهان والدليل أو تقديم ادلة قاطعة وتقتصر كتاباته على العالم الإفتراضي لأن نصف ما يكتبه ليس له أي دليل ملموس عنه، مالم يستغل فلان او فلان ويربطه بأشخاص أخرين لا دخل لهم في اي نزاع يجمعه مع هيأة أو مؤسسة أو جمعية….
إن الفرد السليم (((نفسيا))) ً، هو الذي لديه القدرة على العيش بدون خوف أو ذنب أو قلق وأن يتحمل المسؤولية عن أفعاله وتصرفاته والتي يراها اليوم عادية لا تستغرق غير جرة قلم، إن الإنسان السليم عقليا هو قدرة الفرد على التحكم في عالمه الداخلي والخارجي دون اغراءات او استغلال فرصة معينة ليلج فيها مالم يحققه بعرق جبينه أو بحثا عن الشهرة، كما أن الإنسان السليم هو الفرد القادر على التكيف مع الجميع لا يجلس وحيدا معقدا وهو الشخص الراضي عن أفكاره وسلوكه ووجدانه ويتوافق هذا مع ثقافته ومجتمعه وروحانياته.
قد يبدو الموضوع هاما لكن هو رسالة في ذات السياق لمن يعرف نفسه وقدره على الكتابة أولا وعلى تشويه حتى هذا الفضاء الأزرق بتنابزه بالألقاب، ولو كان يعلم الدين لما وصف البعض بأبشع الألقاب ليعطينا فتوة بائسة في الغناء والرقص واللحن والفاحشة.
رسالة أيضا لمن يبتز باسم النقد وتحت غطاء المصلحة العامة. ما مصلحتك في هذا النقد الإبتزازي؟ هل من شخص او فرد او إطار وكلك بالنيابة للدفاع عنه حتى تدخل إسمه ضمن تدوينات فارغة لا نعيها أي اعتبار لكن تجاوز الخطوط نسبيا يجعلنا نرسل شارات استيباقية لعلها تكون أبلغ من جعل هذا النقد الفارغ الهدام نكسبه طعما أخر قد تعرفه في ظهور قادم وسيعلم به الصغير قبل الكبير.
هي ليست لغة التهديد قد نترافع كثيرا ونغلق أعيننا كثيرا لأننا لا ندخل فيما لا يعنينا لكن هي نصيحتي لك وان كان فارق العمر بيننا، وإن كنت أنا شخصيا في عمر الزهور من يحتاج لنصائح من عندك فتجارب الحياة لا تلخصها تجارب التكوين، رسالتي لك عد الى رشدك واستكبر لله عز وجل وراعي مصلحة أبنائك ممن سيسمعون غدا بالقسم او ساحة المدرسة ان أبوهم كان مبتزا من درجة فارس وأدخل في صراع مع هذا وذاك وإن أردت أن تكتب أكتب فالفضاء يتسع للجميع لكن اترك عنك ما لا يعنيك ولا تدخل في أمور لا دخل لك فيها، انتقد واضرب في الفساد من شرق بنغلادش الى غرب الأرجنتين ولا دخل لنا فيك ولكن لا تستعملنا كجواز سفر أحمر لولوج أحلامك.
اتركنا عنك فان احترمتنا احترمناك وإن أسأت لنا فنحن أدرى بالسوء خلقنا في الأرض من أجل إعمارها بالخير وليس بالشر.
فليفهم الصخر إن لم يفهم البشر