بنكيران ليس “جمهوريا”

ما قاله عبد الإله بنكيران، أمس، أمام شباب حزبه بملتقاهم السنوي، لم يكن سهلا، وربما يصعب على أي سياسي آخر أن يتحدث بتلك “الجرأة” المسؤولة والعقلانية.

نعم ليس سهلا أن يقول أي سياسي آخر لأعلى سلطة في البلاد وبالأدب اللازم عدا بنكيران: “إن ما ينقصك يا “سيدنا” هو الرجال المخلصون”.

وهذا ليس كلاما خفيفا. إنه كلام ثقيل ويحتمل من التأويل أكثر من وجه لدى من بيدهم الأمر.

إلا أن هناك كثيرين، وضمنهم مقربون من الدوائر الرسمية، ودوا لو أن بنكيران رفع منسوب “الجرأة” عاليا وقلب عاليها سافلها مثلما يفعل الثوار والمعارضون لأنظمة الحكم.

بل هناك آخرون تمنوا لو أن بنكيران تخلص نهائيا من واجب التحفظ و”ردم” الحفلة على من فيها وأطلق النار في كل اتجاه بمن في ذلك اتجاه الملكية ومحيطها.

أو دعوني أقول إن هناك من أراد، فعلا، لحاحة في نفسه، أن يتحول بنكيران إلى “كاسحة ألغام” تعبد الطريق نحو المجهول لا أن يظل رجل دولة حظي بثقة الملك واطلع على الكثير من أسرار الحكومة والحكم.

وأنا أستبعد أن يكون بنكيران شخصا آخر غير بنكيران، الذي عرفه المغاربة عن قرب طيلة ولاية حكومية كاملة وزيادة: رجل عفوي وتلقائي لكنه أيضا وحش سياسي أعطب حزب الدولة.

والواقع أن بنكيران ملكي أكثر من الملك وليس من أولئك الذين يعبدون الله على “حرف” في موقفهم من الملكية.

بل إنه لا يخفي أنه يتقرب إلى الله تعالى بالدفاع عن الملكية لكن بطريقته: “الدين النصيحة مع التوقير والاحترام الواجب للملك”.

وهذا الموقف العقائدي، الداعم للملكية والمضاد ل”التبنديق”، بتعبير بنكيران، ليس دائما طريقا يؤدي إلى نعيم السلطة وتقلد المسؤوليات والمناصب المذرة للامتيازات.

إنه أيضا، في نظر بنكيران، طريق قد يقود صاحبه إلى السجن والمقاصل لأن هذه المسؤوليات والمناصب ليست ذات قيمة ما لم تربط بالإصلاح الذي ينتظره المغاربة، حسب قوله.

وكم هم واهمون أولئك الذين يريدون دفع بنكيران إلى التصرف كأي “انتحاري” أو “جمهوري” وسط مملكة محمد السادس.

بنكيران لن يكون كذلك لأن الرجل يعرف جيدا معاني الكلمات ودلالاتها في العلاقة المفترض أن تكون في الخيط الرفيع بين الحرية والمسؤولية.

ولهذا السبب كانت وصية بنكيران لشباب حزبه بهذا الوضوح : “تكلموا بحرية لكن بمسؤولية”، لأن البيجيدي، في نظر الرجل، هو فكرة ومسار لا ينبغي أن يتوقف وليس “همزة” أو “فرصة” للترقي الاجتماعي.

بقلم : الصحفي مصطفى الفن

اترك رد