طانطاني 24- بقلم : أحمد بعيريس
منذ المصادقة على قانون الصحافة والنشر الجديد ونشره بالجريدة الرسمية وتحديد تاريخ 15 فبراير 2017 كأخر أجل قصد الملائمة لا حديث ولا نقاش يحضا بإهتمام النخبة سوى عن مستقبل الصحافة خصوصا الإلكترونية منها في حال تفعيل القانون لكونها شكلت أداة فعالة في نقل الخبر وعرفت إقبالا واسعا وفرضت نفسها بقوة في ميدان الإعلام .
وبالعودة لمضامين القانون الجديد والذي من منظورنا الخاص يعتبر زجريا أكثر مما هو تنظيمي , كما أنه وسيلة ترهيبية وتراجعا ملحوضا لمكتسبات رجال القطاع ويعد عرقلة لحرية الصحافة , فجولة في فصوله كافية لكشف مدا حيفه , قانون مادام تفكير النظام قائما في الحد من الصحافة الإلكترونية الفعالة فحتما سيرى الضوء يوما ما دون تفكير في العواقب مادامت الغاية فرملة زحف الصحافة الإلكترونية .
وللوقوف على بعض من تجليات هذا الحيف نجد عدم تفعيل مبدأ المقاربة التشاركية أثناء مراحل صياغة مسودة المشروع لأخد أراء شغيلة القطاع كونها المعني المباشر بالقانون فقد كان من الأولى تنظيم أيام دراسية وندوات ومناظرات وتخصيصها لنقاش فكرة مشروع الحكومة قبل سن القانون , لا برمجة دورات ومناظرات بعد طرح القانون كما هو الحال بالنسبة للعيون وكلميم اللتين شهدتا لقائين يتيمين ناقش أحدهما ما بعد الملائمة والأخرطرح واقع الإعلام المحلي بالجهة مع تخصيص جزء منه للتعاطي للقانون الجديد وجاءت كمداخلات .
ما يلفت النظر عند تصفح ما جاء به القانون بين طياته تغيير قاعدة حماية المصدر والتي تتيح للصحفي عدم إفشاء مصادر خبره مكتسب بات في خبر كان في ظل الحكومة الجديدة والتي ألزمت الصحفي بالكشف عن مصدر المعلومة أو الخبر بأمر قضائي , كما أنه تضمن عقوبات حبسية بشكل نافذ تجاه المس بالثوابت مع منح القضاء سلطة تكييف التهم وفق القانون الجنائي دون تغيير في فصول القانون لملائمة الجنح الصحفية مع إخراج الصحفيين من مظلة قانون الصحافة وإخضاعهم للقانون الجنائي والإرهابي وأيضا قيمة الغرامات المالية ويبقى باب الإجتهاد مفتوحا ويتيح تأويل مقالات على أنها سب أو تشهير أوتحريضا أو … , ولعل أهم ما تم تمريره في فصول قوانين : 13-88 و 13-89 و 13-90 بما مجموعه 213 مادة هو سعيالدولة الصريح والجاد لإخضاع قطاع الصحافة وتقييد الصحفيين .
أما بالنسبة لصحافة الصحراء والتي كان من المفترض أن يتم إستثنائها لعوامل عديدة نذكر منها : غياب تام لمعاهد الصحافة , نقص في المؤسسات الصحفية وإقتصار المنابر على تصريح قانوني مسلم من محاكم نفوذ إشتغالها نظرا لضعف عائدات الإشهار إن لم نقل إنعدامها وبسبب عدم الإستفادة من أي دعم كلها كانت عوائق أمام عدم تأسيس المنابر لمقاولات صحفية والتي كانت أساسا وسيلة في ظل القانون الحالي للراغبين في الحصول على البطاقة المهنية لا أقل ولا أكثر ما يعني أنها إختيارية , وللجوء شريحة عريضة من المعطلين بالصحراء سواءا مجازين أو ماستر أو دبلومات صحافة للقطاع فرارا من ويلات العطالة والذين باتوا عرضة للتشريد رغم توفر شرط التعليم الأكاديمي وخبرة بالمجال إلا أن المواقع التي يشتغلون بها لا تتوفر على ضمانات ملموسة لمقاولاتهم في حال التأسيس تمكنها من الإستمرار وتجنبها تراكم الضرائب أضف إلى ذلك عدم تفعيل العديد من الوعود الوزارية كبرامج التكوين الجهوية التي لم يكتب لها أن ترى النور بعد ومندوبية لوزارة الثقافة والإتصال بكلميم لخلق جسر تواصل مفقود بين المسؤولين وصحافة الجهة كان سيكون كفيلا في حال كان فعالا بإيصال مدا تأخر صحافة الجنوب و فتوة نهضتها ما يعني إستحالة ملائمتها لقوانين الحكومة … وغيرها من العوامل والمعيقات التي كان يجب الأخد بها قبل شمولية القانون لمداشر الصحراء .
إستحالة لامستها كل المواقع الصحراوية التي حاولت الملائمة بغض النظر عن مضامينه الجديدة إذ حتى في حال تأسيس مقاولة صحفية وجب على مدير النشر إلى جانب المستوى العلمي التوفر على بطاقة مهنية صحفية صادرة عن المجلس الوطني للصحافة الذي أنيطت له المهمة بعد أن كانت من مهام الوزارة , ومنذ أيام قليلة أصدرت الوزارة بلاغا للراغبين في الحصول على البطاقة المهنية تنهي فيه أنه وبالإضافة للشروط القديمة يجب على الصحفي الإدلاء بتصريح الملائمة لمؤسسة إشتغاله ؟؟؟ فكيف ستتم الملائمة والتناقض صريح وواضح ولا محيل عنه ؟ الملائمة مشروطة بالبطاقة والبطاقة مشروطة بالملائمة ؟ نفس الأمر يينطبق على التأسيس إذ لابد من توفر المؤسس على بطاقة صحفية قبل التأسيس .
إن اللحظة التاريخية التي يمر منها رجال الصحافة سيما بالصحراء لا يخرج عن نطاق رسالة حكومية تحت غطاء تعزيز ضمانات الحرية في مزاولة الصحافة لكن بحقيقة مخفية ترهيبية تقييدية للعاملين بالقطاع أو الراغبين بالإلتحاق به ومعززا الترسانة القانونية في مواجهة الصحافة لزيادة الضبابية على مستقبل القطاع ولجعله تحت حماية المخزن .